تجد إيران نفسها في خضم أزمة طاقة غير مسبوقة، رغم امتلاكها موارد هائلة من النفط والغاز الطبيعي، والانقطاعات المستمرة للكهرباء والغاز أثرت بشكل حاد على حياة المواطنين والاقتصاد، في وقت تعيش فيه البلاد ظروفًا جيوسياسية واقتصادية شديدة التعقيد.
الظروف القاسية دفعت السلطات إلى اتخاذ تدابير استثنائية، حيث تم تقليص ساعات العمل في الدوائر الحكومية، ونقل المدارس والجامعات إلى نظام التعليم عبر الإنترنت، بينما غرقت الطرقات والمجمعات التجارية في ظلام دامس، حتى المصانع الكبرى أوقفت إنتاجها جزئيًا أو كليًا، مما أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع الصناعي.
في خطاب ألقاه مؤخرًا، اعترف الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان بخطورة الأزمة، مشيرًا إلى أن البلاد تواجه اختلالات شاملة تشمل الطاقة والمياه والبيئة، والحكومة اضطرت إلى اتخاذ قرار صعب بين قطع الغاز عن المنازل أو تقليص الإمدادات لمحطات توليد الكهرباء، فاختارت الأخيرة لتجنب أزمة اجتماعية قد تؤدي إلى اضطرابات واسعة النطاق.
القطاع الصناعي كان الأكثر تضررًا، حيث توقفت 17 محطة كهرباء عن العمل كليًا، فيما تعمل بقية المحطات بطاقة محدودة، ومسؤولون اقتصاديون أكدوا أن الصناعات شهدت تراجعًا حادًا في الإنتاج، مع توقعات بخسائر تُقدر بعشرات المليارات من الدولارات، المصانع الصغيرة والمتوسطة كانت الأكثر تأثرًا، مما يزيد من التحديات التي تواجه الاقتصاد الإيراني المتعثر.
الأزمة الحالية تأتي في وقت حرج لإيران، إذ تعاني البلاد من تقلص نفوذها الإقليمي، بجانب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية، والعملة المحلية، الريال، سجلت انخفاضًا قياسيًا، مما فاقم من معاناة المواطنين الذين يعيشون وسط حالة من عدم اليقين.
ومع تزايد الاحتجاجات الشعبية وتفاقم الأزمة، تبدو الحكومة عاجزة عن تقديم حلول جذرية، والجهود الحالية تركز على احتواء الأضرار، لكن المراقبين يرون أن إيران بحاجة إلى إصلاحات هيكلية عاجلة لتفادي كارثة أكبر قد تُعرض استقرار البلاد لمخاطر إضافية.