تمكن فريق من الباحثين في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية (INAF) من تقديم أول عرض ثلاثي الأبعاد لتشكيل وتطور العناقيد النجمية الكروية، والتي تُعتبر من أقدم التجمعات النجمية في الكون، الدراسة التي نُشرت في مجلة أسترونومي أند أستروفيزيكس تقدم فهمًا غير مسبوق لحركة النجوم داخل 16 عنقودًا نجميًا كرويًا في مجرتنا، مما يساهم في كشف بعض من أعقد أسرار هذه العناقيد القديمة.
تُعد العناقيد الكروية من أقدم الأنظمة النجمية في الكون، حيث يُقدر عمرها بحوالي 13 مليار سنة، ما يعني أنها تعود إلى فترة تشكُّل الكون نفسه، بفضل كثافتها العالية وأعمارها الطويلة، تُعتبر هذه العناقيد مختبرات طبيعية لدراسة التطور الكيميائي والمكاني للمجرات.
على الرغم من أن دراستها بدأت منذ أكثر من 100 عام، فإن الأبحاث الأخيرة تكشف عن فجوات كبيرة في فهمنا لهذه العناقيد، فقد أظهر البحث أن العناقيد الكروية ليست مجرد تجمعات عشوائية، بل تتألف من أنواع مختلفة من النجوم، مما يفتح أفقًا جديدًا في دراستها.
استندت الدراسة على بيانات مرصد غايا الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، بالإضافة إلى بيانات من التلسكوب الأوروبي الكبير، باستخدام التحليلات ثلاثية الأبعاد، تمكن الباحثون من قياس السرعات والاتجاهات الحركية للنجوم داخل العناقيد، واكتشاف الفروقات الحركية بين النجوم التي تحتوي على تراكيب كيميائية مختلفة.
وأشار المؤلف الرئيسي للدراسة، إيمانويل داليساندرو، إلى أن فهم العمليات الفيزيائية التي أدت إلى تكوين العناقيد الكروية وتطورها المبكر كان يعد من الأسئلة المثيرة للجدل في الفيزياء الفلكية على مدى السنوات الماضية، وأوضح أن النتائج تشير لأول مرة إلى أن العناقيد الكروية تكونت عبر عدة دورات من تكوين النجوم، وليس في وقت واحد كما كان يُعتقد سابقًا.
كما اكتشف الباحثون وجود اختلافات في الحركة بين النجوم ذات التركيبات الكيميائية المختلفة، حيث تحتوي بعض النجوم على كميات غير تقليدية من العناصر الخفيفة مثل الهيليوم والأكسجين والصوديوم والنيتروجين، وتوزعت هذه النجوم بطرق مميزة داخل العناقيد، حيث تجمعت النجوم ذات التركيبات الكيميائية الشاذة بشكل أكبر نحو مركز العنقود، مما يشير إلى أنها تشكلت أولاً وتطورت لتنتقل إلى الأطراف.
وتتوافق هذه النتائج مع نظريات التطور الحركي طويلة الأمد للأنظمة النجمية، مما يعزز فكرة أن العناقيد الكروية تكونت عبر عدة دورات تكوينية للنجم.
يساهم هذا الفهم الجديد في حل العديد من الألغاز المتعلقة بأصل هذه العناقيد القديمة، مما يوفر إطاراً غير مسبوق لفهم كيفية تشكيل وتطور هذه الأنظمة النجمية المثيرة للاهتمام، ويضيف فهمًا مهمًا لتطور الكون والمجرات.