في لحظة تعكس عمق الثقافة السعودية وارتباطها الوثيق بالموروث التقليدي، انتشر مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه مواطن سعودي وهو ينجح في جذب قطيع من الإبل إلى جانبه في إحدى المزارع الأسترالية.
أثار هذا المشهد إعجاب مالك المزرعة الأسترالي، الذي عبّر عن دهشته من الطريقة الفريدة التي تعامل بها المواطن مع الإبل، وهو ما يعكس المهارات الفائقة التي يتمتع بها رعاة الإبل في السعودية.
فقد كان المواطن ينادي الإبل ويغني لها، لتستجيب له وكأنها تربطه بها روابط عاطفية، مؤكدة مرة أخرى العلاقة العميقة التي تجمع الإنسان مع حيواناته، ولم يكن هذا المشهد مجرد استعراض مهارات فردية، بل كان تجسيدًا حيًا للثقافة والتراث السعودي الذي يرافق أبناء المملكة في كل مكان.
وفي تفسيره لهذه الظاهرة، قال المتخصص في ثقافة الإبل، محمد الحربي، إن حداء الإبل يُعد أحد الفنون الشعبية التي تميز البيئة الصحراوية في المملكة، ويعود تاريخه إلى العصر الجاهلي.
الحربي أشار إلى أن الحدّاء، الذي يُنادى به الإبل، له عدة أشكال وطرق، ويعتمد على نوع النداء، سواء كان للماء، للطعام، أو للمسير، وأضاف أن هذا الفن لا يقتصر على نداء الإبل فحسب، بل يعبر عن علاقة الإنسان بهذه الحيوانات وارتباطه الوثيق بها.
وأوضح الحربي أيضًا أن الإبل تستطيع التفاعل مع صوت راعيها بشكل خاص، حيث يتم تدريج الإبل على الأصوات الخاصة بها، التي ترتبط دائمًا بالمكافآت مثل الماء أو الطعام، وأضاف أن هناك أصواتًا أخرى، حتى لو لم تكن صادرة من الراعي نفسه، تستجيب لها الإبل إذا كانت تتمتع بجمال خاص.
الحربي ذكر أن هذا الموروث الثقافي قد تم نقله عبر الأجيال، مشيرًا إلى أن الشباب السعودي اليوم يهتم بشكل متزايد بمعرفة تفاصيل هذا الفن الأصيل، وأكد أن هناك اهتمامًا متزايدًا بين الأطفال والشباب في سن مبكرة (من 7 إلى 20 سنة) للإبل، وهي تجذبهم بحركتها الفاتنة وطريقتها الخاصة في التفاعل مع الراعي.
كما أضاف أن الهُوبَال ليس مقتصرًا على السعودية فحسب، بل هو سمة مشتركة في العديد من دول العالم العربي، حيث يُمارس في العراق، سيناء، المغرب، ليبيا، والسودان، ويُعتبر أحد ألوان التراث العربي العريق الذي يعبر عن ارتباط الإنسان بالصحراء وحيواناته.