في شهر سبتمبر الماضي، وبعد رفض الولايات المتحدة لمقترح هدنة يمتد لـ21 يومًا مع “حزب الله”، أطلق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تصريحات متفاخرة بإمكاناته على تغيير ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط لسنوات قادمة.
وفي خطوة تعكس توجهًا جديدًا، أصدر نتنياهو أوامر مباشرة تستهدف اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله، مما يشير إلى أن إسرائيل تسعى لتغيير استراتيجيتها من استهداف غزة إلى تصعيد هجماتها ضد الفصائل المسلحة في لبنان، ومع حلول نهاية العام أصبحت موازين القوى في المنطقة تشهد تحولات واضحة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
الهجمات العسكرية الإسرائيلية المكثفة أجبرت حزب الله على قبول هدنة أعطت إسرائيل امتيازات كبيرة، بما في ذلك استمرار عملياتها العسكرية في لبنان، هذا التحول لم يكن بمعزل عن الأوضاع الإقليمية، حيث واجهت إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله وحماس، أزمات متزايدة جعلتها في أضعف حالاتها منذ سنوات، هذا التراجع أضعف “محور المقاومة” الذي يضم الفصائل المدعومة من إيران، وأظهره وكأنه قوة عاجزة.
الغارات الإسرائيلية الجوية، التي بلغت ذروتها في أكتوبر الماضي، استهدفت الدفاعات الجوية الإيرانية، مما أحدث خسائر كبيرة تعدّ الأكبر منذ عقود، وبالرغم من نجاح هذه العمليات العسكرية فإن الدعم الكبير الذي تقدمه الولايات المتحدة للاحتلال الإسرائيلي كان له دور حاسم في تحقيق هذه النتائج، كما أشار تحليل نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز”.
ورغم المكاسب العسكرية التي حققتها إسرائيل، فإن هذه العمليات جاءت بتكاليف إنسانية وسياسية هائلة، أودت الهجمات الإسرائيلية بحياة أكثر من 45 ألف فلسطيني، بينما أدت الحصار المفروض على غزة، التي يقطنها أكثر من مليوني نسمة، إلى أزمة إنسانية شديدة، القيود الصارمة على دخول المساعدات الإنسانية والمياه، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية، جعلت العديد من المناطق في القطاع غير قابلة للحياة.
وفي سياق هذا التصعيد وجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات خطيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف جالانت، بارتكاب جرائم حرب، وأصدرت أوامر باعتقالهما.