في خطوة وصفها الخبراء بأنها تاريخية، جمع لقاء رفيع المستوى في دمشق بين أحمد الشرع، زعيم المعارضة السورية، ووليد جنبلاط، الزعيم الدرزي اللبناني.
اللقاء الذي تم في قصر الشعب، شكل بداية لمرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية-السورية، تستند إلى التعاون والاحترام المتبادل وسط تحديات سياسية وأمنية مشتركة.
وفقًا للمحلل السياسي عبد النبي بكار، فإن هذا اللقاء يعد علامة فارقة، مشيرًا إلى أن الأجواء التي سادت الاجتماع كانت إيجابية، مع تأكيد الطرفين على ضرورة تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين.
وأضاف بكار في تصريحاته أن الكلمات التي ألقاها كل من جنبلاط والشرع، بالإضافة إلى شيخ العقل سليمان أبو المنى، ركزت على أهمية التعاون المستقبلي القائم على الاحترام المتبادل.
من جانب آخر، كشف المحلل عن تقديم وليد جنبلاط للشرع مذكرة تفاهم باسم “اللقاء الديمقراطي” والحزب التقدمي الاشتراكي، وهذه المذكرة تطرقت إلى آفاق المرحلة القادمة في العلاقات بين لبنان وسوريا، بما في ذلك العلاقات بين دروز سوريا والنظام السوري الجديد، كما أكد جنبلاط أن القنوات الدبلوماسية والسفارات ستكون هي الوسيلة الأساسية لتعزيز هذه العلاقات في المستقبل.
وأشار بكار إلى أن جنبلاط كان حريصًا على التأكيد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبها النظام السوري السابق بحق الشعبين اللبناني والسوري، ودعا إلى تحويل بعض المعتقلات، مثل معتقل المزة، إلى متاحف لتكون شاهدًا على هذه الجرائم التاريخية.
أما في ما يتعلق بالعلاقة التاريخية بين الدروز وسوريا، فقد شدد جنبلاط وشيخ العقل على أهمية هذه الروابط، مؤكدين أن الدروز جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلام، فجنبلاط أشار أيضًا إلى دور دروز سوريا في مرحلة الاستقلال، مبرزًا علاقة الجد الشرع مع الأمير شكيب أرسلان، فيما اختتم كلمته بعبارة “عشتم سيدي القائد”، وهو ما فسر على أنه إشارة إلى علاقة قوية ومتينة بين الرجلين في المستقبل.
على صعيد آخر، أكدت الباحثة في الشأن اللبناني، الدكتورة زينة محمود، أن لقاء الشرع وجنبلاط شهد تطورات غير متوقعة، حيث ألقى الشرع كلمة طويلة وأجاب عن أسئلة الصحافيين اللبنانيين، وهو ما كان مخالفًا للتوقعات، ومحمود أشارت إلى أن الشرع استغل هذه الفرصة للتوجه إلى الشارع اللبناني، خاصة مع تأثير جنبلاط السياسي في لبنان وسوريا.
وكان لافتًا في كلام الشرع توجيه رسائل إلى الطوائف اللبنانية المختلفة، حيث تذكر مقتل الرئيس بشير الجميل والمواقف التاريخية لآل الحريري، كما تطرق إلى الطائفة الشيعية، مشيرًا إلى أنه منفتح على الجميع، لكنه أكد في الوقت نفسه أن التقسيم الطائفي لا يخدم مصالح لبنان، وهو ما قد يعكس رؤية مغايرة للمستقبل في سوريا.
اللقاء بين أحمد الشرع ووليد جنبلاط يبدو أنه يمثل بداية مرحلة جديدة، حيث يُتوقع أن تسفر هذه التفاهمات عن تغييرات جوهرية في العلاقات بين لبنان وسوريا، مع احتمالية تأثير كبير على مستقبل الطوائف اللبنانية والنظام السوري.