أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد الكثير من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث فجّر هذا التصريح المفاجئ موجة من التفاعل بين الجمهور، الذين بدأوا يتساءلون عن دلالات هذا القرار وأبعاده السياسية، وإعلان سليمان جاء ليبرز شخصيته العامة ليس فقط كفنان مرموق، بل أيضًا كفرد يسعى لتغيير مسار تاريخ بلاده من خلال دور سياسي فعال.
وُلد جمال سليمان في دمشق عام 1959، في أسرة متواضعة حيث كان والده يؤمن بأن العمل اليدوي هو السبيل الأساسي لتكوين الشخصية، لذلك بدأ سليمان العمل منذ سن السابعة في مختلف الحرف والمهن مثل الحدادة، النجارة، الطباعة، وغسيل السيارات.
هذا التنوع في الأعمال شكل له شخصية صلبة قادرة على التكيف في مختلف الظروف، وفي سن الرابعة عشرة، بدأ اهتمامه بالمسرح يتبلور بشكل جدي، فانضم إلى فرقة “شباب القنيطرة” المسرحية، ليخطو أولى خطواته في عالم الفن.
بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، انتقل سليمان إلى بريطانيا حيث أكمل دراسته العليا في مجال الإخراج المسرحي، وحصل على درجة الماجستير من جامعة ليدز عام 1988.
بعد عودته إلى سوريا، قام بتدريس التمثيل في المعهد ذاته، وعُرف بأدائه الاستثنائي في السينما والتلفزيون السوري، حيث أسهم في إنتاج العديد من الأعمال التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الدراما السورية.
لم يقتصر نجاحه على التلفزيون في سوريا، بل امتد للشاشة المصرية أيضًا، وبدأ مشواره في مصر في عام 2006 من خلال مسلسل “حدائق الشيطان”، في دور “مندور أبوالدهب” الذي حقق نجاحًا جماهيريًا هائلًا، مما عزز مكانته كأحد أبرز الممثلين العرب.
واستمر في التألق في مصر بأدوار مميزة مثل “قصة حب”، “الشوارع الخلفية”، و”أفراح القبة”، لتصبح أعماله جزءًا من ذائقة الجمهور العربي.
إلى جانب مسيرته الفنية، عرف عن جمال سليمان نشاطه الإنساني، حيث تم تعيينه في عام 1996 سفيرًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، وشارك في العديد من الحملات التوعوية حول قضايا الصحة وحقوق الإنسان، وساهم في دعم مرضى السرطان من خلال مشاركته في عدة مشاريع خيرية.
كما أخرج سلسلة أفلام وثائقية بعنوان “أعمدة النور” التي تناولت تاريخ المسيحية في سوريا، وقد حصل على العديد من الجوائز تقديرًا لمساهماته الفنية والإنسانية.
ولطالما كان جمال سليمان ناقدًا حادًا لنظام بشار الأسد، ومع تصاعد الأحداث في سوريا وبدء سقوط النظام، أصبح سليمان أحد أبرز الأصوات المعارضة، ورغم أنه اختار العيش خارج سوريا خلال سنوات الأزمة، إلا أنه لم ينقطع عن متابعة الوضع السياسي، معبرًا عن قلقه حيال الوضع الداخلي في البلاد.
وبعد سقوط نظام الأسد، أعلن عن رغبته في الترشح لرئاسة سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، مؤكدًا أن قرار ترشحه يعتمد على إرادة الشعب السوري، وفي مقابلة مع قناة “العربية”، قال سليمان:
“إذا رأى الشعب السوري أنني الأنسب لهذا المنصب، سأكون على استعداد للترشح، وإذا كان هناك من هو أكثر كفاءة مني، فلن أكون عقبة أمامه”.